هنا التاريخ.. أكثر من 100 عام وما زالت الحكايات تروى.. سرايا "أرض الوسية" بالشرقية جسد أحمد عبد العزيز دور بطلها خليل حسن خليل تحتفظ بجمال معمارها.. اشتراها أحد علماء الأزهر من يونانى بـ25 ألف جنيه منذ 50 عاما

هنا التاريخ.. أكثر من 100 عام وما زالت الحكايات تروى.. سرايا "أرض الوسية" بالشرقية جسد أحمد عبد العزيز دور بطلها خليل حسن خليل تحتفظ بجمال معمارها.. اشتراها أحد علماء الأزهر من يونانى بـ25 ألف جنيه منذ 50 عاما
هنا التاريخ.. أكثر من 100 عام وما زالت الحكايات تروى.. سرايا "أرض الوسية" بالشرقية جسد أحمد عبد العزيز دور بطلها خليل حسن خليل تحتفظ بجمال معمارها.. اشتراها أحد علماء الأزهر من يونانى بـ25 ألف جنيه منذ 50 عاما

 

الوسية هى واحدة من أجمل السير الروائية التى كتبها "خليل حسن خليل" ليرصد فيها أحوال الناس والسلطة والملاك والأرض ويؤرخ فيها لمصر فى العهد الملكى اجتماعيا وسياسيا، وتسرد لنا الوسية قصة حقيقة لكفاح طفل من الأرياف، كان جده عمدة لقرية الرباعى بمركز كفر صقر، وورث أبيه عن جده 105 أفدنة من أجود أنواع الأرضى، ولكنه قام بإقراض عدد من أهالى قريته أموال، دون أخذ إيصالات أمانة عليهم وما يثبت حقه وتماطل بعضهم عن السداد، وترتب على ذلك أن تراكمت عليه الديون، فأخذ منه الخواجة اليونانى، الأرض وحجز على منزله،

 

وتسبب ذلك فى حرمانه من التعليم لعدم قدرته على دفع مصاريف الدراسة، وعمل لمدة 6 سنوات كاتب حسابات فى وسية الخواجة اليونانى، التى تبعد عن قرية الرباعى مسافة كيلومتر، ثم تركها بعد صراعه مع الخواجة ومطالبته بإعطاء الفلاحين حقوقهم، وتطوع بالجيش المصرى، وحصل على الليسانس فى القانون، خلال فترة التطوع لكن تفوقه لم يؤهله لشغل وظيفة مناسبة فى سلك القضاء أو التدريس فى الجامعة لانه فلاح ابن فلاح، إلا أنه لم يستسلم وسافر إلى الخارج وحصل على الدكتوراة وعمل بالأمم المتحدة.

 

 لا تزال سرايا" أرض الوسية" تحتفظ بجمالها وطرازها المعمارى الفريد الذى صممه أحد الأجانب اليونانيين ورثها عنه نجله "كاتى" فحديقة السرايا لا تزال بكامل مبانيها وأشجارها النادرة وخاصة شجرة عيد الميلاد، شجرة عين الجمل، والمعلف الخاص بتربية المواشى، ومخازن حفظ الحبوب والغلال، ومبنى السرايا من الداخل يحتفظ بكامل هيئته، كل شئ فى أرض الوسية يعيد للأذهان مشاهد المسلسل، وعن قصة بيع أرض الوسية، توصلنا للماك الفعلى لها، وهو نقيب الفلاحين الزراعيين بالمحافظة وأشقائه.

 

"المسلسل كان السبب فى عشقى لهذا المكان " بهذه الكلمات سرد "محمد عبد الستار" نقيب الفلاحين الزراعيين بالشرقية، قصة تعلقه بأرض الوسية، قائلا: أنه من أصول ريفية بمركز الإبراهيمية، وطأت قدميه وأشقائه ناحية ارض الوسية، منذ عام 1994 ميلادية، بشراء 6 أفدنة من أرضها الزراعية، حتى أكرمهم الله بشراء الوسية كاملة بمساحة 55 فدانا، تعد من أجود الأراضى الزراعية بكفر صقر، بما فيها سرايا الخواجة اليونانى" كاتى"صاحب السرايا.

 

" خلى بالك بديك قطعة من التاريخ" يتذكر النقيب العام للفلاحين الزراعيين بالشرقية، كواليس شراء الوسية، كما يطلق عليها أهالى المنطقة، أنه اشتراها فى عام 2010 من مالكها اللواء "محمد بليغ" بمبلغ مالى قدره 3 ملايين جنيه، قائلا له عند توقيع عقد الشراء " خلى بالك بديك قطعة من التاريخ" إشارة منه إلى الأحداث التى شهدتها الوسية وتم تجسيد قصة تفوق باشكاتب الوسية خليل حسن خليل" أستاذ الاقتصاد السياسى، حيث تعد أرض الوسية، من أخصب الأراضى الزراعية بالمنطقة، والخواجة كان مدرك لذلك، فاختار هذا المكان وصمم مبنى عبارة عن سرايا داخل أرض الوسية، وحديقة تضم أنواعا نادرة من الأشجار والفواكه من بينها شجرة عين الجمل وشجرة عيد الميلاد، وأشجار ورد نادرة الوجود. فضلا عن وجود الكارته الخاصة بـ الخواجة داخل الوسية، والمكان المخصص لحمل السلاح الخاص بالخواجة، قبل أن يشير أن أثناء عملية شراء الوسية حصل عليها صراعات شديدة، من بعض رجال الأعمال من عدد من المحافظات، عددهم 5 أشخاص من بينهم خليجيين من السعودية والكويت، لكنه فاز بها بحكم أن ابن المنطقة ويمتلك 10 أفدنة ملاصقة للوسية، وطبقا لعرف الأرياف فاز بالمكان، لأنه يمثل له الوطن والتاريخ.

 

بحس فيها بالروح والحياة عبر" السيد عبد الستار" الشقيق الأصغر لنقيب الفلاحين الزراعين، عما بداخله ناحية أرض الوسية، قائلا: الوسية تمثل له الحياة والراحة النفسية التى كان يبحث عنها من أجل الهدوء والراحة الذى دفعه لترك منزله الأساسى بالإبراهيمية، للعيش وأسرته فى السرايا، حيث حرص الخواجة أثناء إنشاء السرايا أن يكون محيط المكان خاص به فقط من أجل الهدوء فضلا عن البراعة فى تصميمها بشكل تراثي

وتابع :عند مرحلة جنى القطن بعيد المشهد لاذهانى قصة البطل الحقيقى للمسلسل، أثناء عملية الجنى ووزن الأقطان، كل شبر بالأرض لا يزال به عبق التاريخ، وحرصنا على عدم تغيير أى شيء سوى بعض التعديلات الطفيفة على السرايا.

 

ومن جانبه سرد اللواء " محمد بيلغ" لواء شرطة بالمعاش، أنه والده الشيخ" أحمد بليغ عبد الله" كان من علماء الأزهر الشريف، اشترى الوسية عام 1950 من أسرة الخواجة " كاتى" وكان والده أول من اشترى الوسية، بمبلغ 25 ألف جنيه، وكان والده يحب تلك المكان وخصصه إستراحة يذهب إليها يوميا وكانت قطعة من الجمال حافظ عليها وكان يعشقها كثيرا، وتوفى عام 1965، وتم باعها فى عام 2002 لأسرة " محمد عبد الستار" ابن قرية الإبراهيمية.

 

فيما قال الفنان"أحمد عبد العزيز" ل" اليوم السابع" أنه تم تصوير أحداث مسلسل " الوسية" بقصر علام باشا بقرية سندبيس بمحافظة القليوبية، وعن كواليس تجسيده لدوره قال: "عندما عرضه عليه الدور، بدأ يتعامل مع المسلسل كأنه عمل درامى بصرف النظر عن صاحب السيرة الذاتية، وفى البداية كان يتحاشى الجلوس مع البطل الحقيقى الدكتور "خليل حسن خليل" حتى لا يقلده، فى طريقة كلامه والإشارات، وجلس مع صاحب القصة الحقيقة، مرات قليلة، خلال تأدية المسلسل، والتقط معه صور فوتوغرافية، محتفظ بها حتى الآن.

 

وسرد عن كيفية قيام الدكتور "خليل" بالتوارى خلف الديكور، أثناء التصوير، وينهمر فى البكاء لاسترجاعه لحظات حقيقة عاشها، ومن هنا، اطمنت اننى ماشى على التراك الصحيح، وجسدت هذه الشخصية الحقيقة، قبل أن يشير، أن من الصفات الأساسية والحقيقة الموجودة فى البطل الحقيقى لمسلسل "الوسية" الإخلاص الشديد والاجتهاد فيما يعمل، ومحاولته الوصول للهدف الذى يسعى إليه، وأنه راجل جاد، بار بأسرته، فمن أجل أسرته خرج من التعليم، تقديرا لظروف أسرته العاجزة عن دفع مصاريف التعليم له، واشتغل فى الوسية، وتحمل درجة عالية من الشقاء وشدة وجفاء العيشة، لكى يوفر القروش البسيطة، التى يحصل عليها ليساعد والده بها، وأنه مفخرة لبلده الكبيرة "الشرقية" ولقريته الصغيرة "الرباعى" وبعد عرض المسلسل حقق نجاحا كبيرا، وصارت صداقة بينى وبين الراحل الدكتور"خليل" وأهدانى الجزء الثانى من العمل، وكان المسلسل له جزء ثانى يحمل اسم "الوارثون" والجزء الثالث السلطنة، ويعتبر الدور الذى أديته فى هذا العمل من الأدوار المحببة إلى قلبى، وعن أصعب المشاهد التى أداها الفنان "أحمد عبد العزيز " أوضح أن المسلسل أغلب مشاهده كانت صعبة، وفريق العمل كان يعمل فى ظروف صعبة، والمخرج الراحل " إسماعيل عبد الحافظ" كان دقيق إلى حد كبير، ولا يتنازل عما يريد، حتى لو دفعه ذلك إلى إعادة المشهد 15 مرة، ولكن من أصعب المشاهد كان مشهد المواجهة مع الخواجة، عندما كان "خليل" يقوم بمراجعة حسابات الفلاحين الذين يعملون بالوسية، فقال له الخواجة الفلاحين دول كلاب، فرد عليه "خليل" وقال له الفلاحين صح ودى حقوقهم وأنت ال كلب وابن ستين كلب، وأخرج الخواجة سلاحه النارى وأطلق على "خليل" عدة أعيرة لكنه أسرع هاربا دون إصابته، وهذا كان صعب على ولد صغير، يقف أمام الخواجة، ولكن فى الواقع أن "خليل" كان يمثل مصر كلها التى تقف فى وجه الاحتلال، وكان يمثل جيلا من شبابه.

 

وسردت "شيرين "نجلة الدكتور خليل لـ"اليوم السابع" حكايتها مع قصة راوية " الوسية" قائلة: "فى فترة الطفولة كنا فى السنغال، وكان والدى يعمل فى الأمم المتحدة، وفى تلك الأثناء بدأ يكتب فصول الرواية داخل مطعم بالقرب من المحيط، مستغلا إجازته الأسبوعية يومى السبت والأحد، وكنت ألهو مع شقيقى الاكبر، وعندما سألته عما يكتبه؟ أجاب قائلا بكتب قصة حياتى ولما تكبرى تبقى تقرايها، لما قرأت الرواية كانت حالة متكاملة قصة وتاريخ عائلى وإبداع ادبى، وأكثر ما أثر فيه، عندما كان والدى فى مدرسة كفر صقر كان يحوش الطعام لكى يأكله يومى الإجازة فى المدرسة، فكان يسرق وصديقه " أحمد"الطعام فترة الفسحة وإخفائه فى طيات ملابسه لكى يكفيه يومين، والدى كان عنده احساس قوى بالعدل فكان بالنسبة له هذا جريمة فى نفس الوقت وكان مقابل سرقة السندوتشات المدرسية الجوع، أيضا عندما سرق كمية من محصول الذرة للفلاح الفقير، الذى استولى الخواجة على محصوله، كان وقتها والدى كاتب الوسية فسرق من المخزن لكى يعطى الفلاح البسيط، وكان ابن حنون معتز بأصواله الريفية، حتى واحنا فى الخارج كل إجازة صيفية وفى الأعياد يأخذنا معه نزور مسقط رأسه، وعندما قرأت الرواية تأثرت بها كثيرا، عن الفترة القاسية التى عاشها فى مدرسة كفر صقر الثانوية وكان يعانى من أجل الحصول على السندوتشات المدرسية، فترة الدراسة".

 

وكان "رفيق خليل" 58 سنة مهندس، نجل الدكتور" خليل " قد سرد فى تصريح سابق لـ"اليوم السابع" أن والده غرس فيه حب الريف وأن يكون بارا بأسرته، وأنه بعد وفاة والده متواصل مع أسرته بقرية الرباعى، وأن والده كان لديه إصرار كبير لتحقيق هدفه بالرغم من عدم وجود إمكانيات.

 

وأضاف رفيق أن والده كتب قصة حياته، من خلال 3 أجزاء الجزء الأول "الوسية" وأهداها للهيئة العامة للكتاب، وظلت لدى الهيئة لمدة 7 سنوات فى إجراءات الطباعة، وتم نشرها دون أن يعرف والدى، وبعدها بدأ والدى يشترى نسخ من الكتاب، ويوزعها على أصدقائه، لحد ما الكتاب دخل فى مسابقة وحصل على أحسن راوية سنة 1984، وتم تجسدها مسلسل فى الراديو، جسد شخصية والدى فيه الممثل "أحمد ذكى" وحقق المسلسل نجاحا كبيرا، فقام المخرج إسماعيل عبد الحافظ، بعمله مسلسل تليفزيونى، جسد الجزء الأول من حياة والدى فى مسلسل الوسية، والجزء الثانى الوارثون يروى الحياة بمصر من سنة 1952 إلى 1970، والجزء الثالث السلطنة يروى التطور الذى طرأ على مصر من سنة 1970 إلى سنة 1980.، وكان هناك محاولات سنة 2011 لإعادة تمثيل الجزء الثانى من المسلسل، لكن المخرج توفي.

 

وسرد أكثر ما أوجعه فى قصة والده، عندما قص عليه أبيه، فترة عمله كاتب فى الواسية، وكان يشاهد صديقة الخواجة تأكل الكلب الخاص بها، حمام مشوى، وفى النقيض كان هناك فلاح مريض، يتوسل للخواجة أن يعطيه جوال دقيق لكى يطعم أطفاله الذين يبكون من الجوع.

 

واستطرد "رفيق"قائلا: أن والده عندما سافر إلى لندن لاستكمال دراسته، كان منتظر فى محطة أتوبيس يسال على عنوان معين، وبالصدفة كانت والدتى متواجدة بذات المحطة، وكانت متعاونة معه، وساعدته فى الوصول إلى العنوان، وانفصل كل منهما بعد نزول والدى إلى المحطة، وبعدها بـ3 أيام، تقابل مع والدتى 3 مرات صدفة، كانت فى كل مرة تقدم المعاونة له، ودار بينهما حوار، وجدها والدى متعاطفة مع القضية المصرية، كان عبد الناصر يحاول تأميم قناة السويس، وكان يجرى مظاهرات فى لندن ضد إنجلترا وضد الظلم الذى يمارس منهم ضد المصريين، فانضمت والدتى إلى المظاهرة التى تندد بظلم إنجلترا، ومشيت مع والدى بالمظاهرة ودارت بينهما قصة حب، وتزوجا وعاشت معه فى القاهرة، وكانت تحب كثيرا زيارة قرية "الرباعى" بكفر صقر، وخاصة أنها كانت راسمة وكانت دائما ترسم المناظر الطبيعة التى تشاهدها بالقرية.

 

كان "خليل حسن خليل" دائما لديه حنين وولاء لمسقط رأسه الرباعى، تبرع بقطعة أرض لإنشاء الوحدة الصحية بالقرية، كنوع من الوفاء لأهالى قريته، وشرع فى الإنتهاء من إجراءات بناء الوحدة بالتنسيق مع وزارة الصحة، لكى يعالج بها أبناء القرية، لكنه توفى قبل بنائها، وكان من ضمن أمنيته أن يرى الوحدة الصحية تخدم أهالى قريته.

 

 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع