حرب العاشر من رمضان.. رقيب مقاتل يروى تفاصيل أيام النصر: قضيت 5 أعوام داخل سكنات الجيش هى الأفضل فى حياتى.. الشعب المصرى لديه ترمومتر حساس يستشعر الخطر.. الجيش المصرى غنى عن التعريف وخارج التقييم والمنافسة

حرب العاشر من رمضان.. رقيب مقاتل يروى تفاصيل أيام النصر: قضيت 5 أعوام داخل سكنات الجيش هى الأفضل فى حياتى.. الشعب المصرى لديه ترمومتر حساس يستشعر الخطر.. الجيش المصرى غنى عن التعريف وخارج التقييم والمنافسة
حرب العاشر من رمضان.. رقيب مقاتل يروى تفاصيل أيام النصر: قضيت 5 أعوام داخل سكنات الجيش هى الأفضل فى حياتى.. الشعب المصرى لديه ترمومتر حساس يستشعر الخطر.. الجيش المصرى غنى عن التعريف وخارج التقييم والمنافسة

لقاء ممتع وشيق يتسم بالقوة والصلابة والعزة عندما التقى موقع وتليفزيون "اليوم السابع" بأحد أبطال أقوى الحروب العسكرية التى شهدها العالم، حرب العزة والكرامة واسترداد الأرض فى مشهد مهيب، يدرس فى جميع أكاديميات العالم العسكرية حتى الآن.

 

التقى موقع وتليفزيون "اليوم السابع" رقيب كمال عبد اللطيف أحد مقاتلى القوات المسلحة المصرية فى حرب العاشر من رمضان، الذى يحل علينا ذكراه ونحتفل ونفتخر بكل من ساهم فى تلك الحرب الكبرى، ونستمتع بروايتهم التى يقصونها علينا، حيث يقص كل فرد مقاتل شارك فى الحرب القصص العظيمة التى يفتخر بها دائما، رغم قسوتها وصعوبتها، ولكنها مرت عليهم بأسعد ذكريات العمر، يتحدثون بكل هيبة وفخر عن ما قاموا به من صبر وعزيمه وقتال وفرحة غامرة حينما تمكنوا من المكوث لأيام وشهور صامدين مقاتلين صائمين على الجبهة حتى يقنوا العدو درسا قاسيا وقاموا باسترداد أرض العزة والكرامة "سيناء الحبيبة".


ذكريات الصائمين يرويها رقيب مقاتل بدموع الفخر والعشق لوطنه

ويروى رقيب مقاتل كمال عبداللطيف محمد على، من محافظة الدقهلية، أحد المشاركين فى حرب العزة والكرامة، والذى بدأ حديثة بالدموع، واصفا هذا اللقاء بالذكريات العظيمة التى عاصرها أثناء قضاءه للخدمة العسكرية الوطنية المصرية التى استمر بها مدة 5 أعوام و3 أشهر كاملة، دون كلل أو ملل، بل كانوا فى انتظار يوم الثأر من الغدر الذى طال الدولة المصرية، ووصف الرقيب كمال بأن ما حدث من دولة اسرائيل واحتلالهم ارض سيناء كان غدرا ومغافلة، وظلوا يتابعونا خلال فترة استعدادنا للحرب خوفا ورعبا من قوة الجيش المصرى، والتى لا تقدر بالسلاح، بل تقدر بقوة الفرد المقاتل ومدى حبه وتضحيته بروحه من أجل تراب وكرامة وطنه الغالى مصر

 

وقال رقيب كمال، ذكريات صعبة لكنى لم أنساها قط بل اتذكر كا تفاصيلها وكل أسماء من شاركوا معى حتى الآن، اتذكر كل كبيرة وصغيرة، فى هذه الحرب العملاقة، أتذكر ذكاء القوات المسلحة المصرية ومراوغتها للعدو، اتذكر الخطط والتكتيك الكبير الذى تدربنا عليه لساعة الصفر، والانطلاق نحو هدفنا.


مراوغة جيدة من الجيش المصرى ومراقبة العدو الإسرائيلى لنا

استكمل رقيب كمال عبداللطيف حديثة المدجج بالشغف والحنين لعزة وكرامة القوات المسلحة المصرية فى هذه الحرب، والدموع تتساقط من عينيه أثناء حديثه، عن تفاصيل الحرب لأفراد بواسل صائمين لا يفكرون فى أنفسهم ولا يخشون الموت قط، وقال كنا نتحدث مع بعضنا البعض داخل القوات المسلحة، وكان هدفنا واحد تلقين العدو درسا قاسيا وليس استرداد ارضنا فقط، بل عازمين على إعطاءهم درسا لا ينسى مدى الدهر

 

وكنا نعلم جيدا أن العدو الواهم يراقب تحركاتنا وتدريبات قواتنا، وهو فى حالة من التأهب والخوف من الجيش المصرى، لكن كان هناك خطط محكمة من الجيش المصرى والقيادة السياسية تعتمد على المراوغة، حيث أعلن الرئيس الراحل محمد أنور السادات أن عام 1971 هو عام الحسم، وظل يراوغهم على مدار عامين كاملين، حتى وصلنا عام 1973، ولم يكتف هو وقيادات الجيش المصرى العظيم بذلك، بل كنا نقوم بتبديل أماكن الكتائب من مكان لآخر، حتى موعد الحرب، الأفراد فى الجيش المصرى لم يعرفوه، ولكن كانوا على إحساس ودراية بأن الحرب تقترب وبشدة، وقبل الحرب بأيام، راوغ السادات وقيادات القوات المسلحة المصرية الجميع، حتى اذيع بين الجميع أن يوم الخميس هو يوم الحسم وانه اذا مر يوم الخميس دون الدخول فى حرب، فلن تكون هناك حرب مره أخرى، وهذا أن دل يدل على ذكاء كبير فى المراوغات المستمرة للعدو.


ساعة الصفر الحقيقية.. بنطلون صوف شتوى وافارول صيفى وتنفيذ التعليمات 

وبعد آخر مراوغة، مر يوم الخميس فلن تدخل مصر فى حرب مرة أخرى، ومر الخميس بالفعل، ووصلت رسائل للعدو بأن هناك تخبط فى الجانب المصرى، وهناك عدم قدرة على الدخول فى حرب معهم، وكان القرار السرى داخل القيادة السياسية المصرية بعدها ب48 ساعة فقط، حيث كانت ساعة الصفر هى يوم السبت، ولم نعرف انها ساعة الصفر، لكننا شعرنا كمقاتلين أننا على وشك الدخول فى حرب المجد والعزة خلال ساعات معدودة، وذلك بوصول تعليمات بأن كل فرد يعرف مهمه جيدا سيقوم بتنفيذها.

 

ويوم السبت الموافق 10 رمضان، 6 أكتوبر عام 1973، فى تمام الساعة الثانية بعد الظهر، جاءت اشارة بالاستعداد للتنفيذ بعدها ب5 دقائق فقط شاهدنا الطيران الحربى المصرى يتحرك نحو العدو، وكانت مهمتنا ضرب مرتين متتاليتين على العدو، المرة الواحدة 3 ضربات متتالية.

 

وعند مشاهدتنا الطيران الحربى المصرى يقوم بإطلاق نيرانه، انتباتنا حالة من الجنون والحماس، ورغم استعدادنا الجيد لذلك الوقت لكن كان حماسنا أكبر مما يتخيل أى بشر، فأنا أسرعت قبلها بدقائق وارتديت بنطلون صوف شتوى وأفارول صيفى من الأعلى وتركت كل ملابسى وأدواتى ولم افكر فى أى شئ سوى الحرب.


خدعة الجيش الذى لايقهر.. ودرس قاسى للعدو الصهيونى

واستمر الرقيب كمال فى سرد الأحداث، ويزداد حنينه وشوقة وعزته نحو ماحدث وكل ذلك يمتزج بالدموع التى تتساقط من عينيه أثناء الحديث، واستطرد قائلا: كنا نتعامل بمبدأ مصرى "سيبه يقول ما بداله"، وهنا يقصد الرقيب المقولة التى روجتها إسرائيل والغرب بأنهم الجيش الذى لا يقهر، وابتسم الرقيب كمال قائلا: أقسم بالله جبناهم وكنا بنديهم على قفاهم، اتهانوا إهانة لو كان فى إعلام أيامها زى دلوقتى كانوا اتفضحوا بجد.

 

وبدأت ساعة الصفر ونفذنا الضربات المتتالية التى كلفنا بها، وبفضل الله جاءت الإشارة بأن الهدف من الضربة تم على أكمل وجه وأن العدو تم ضربه بإتقان، وبدأ السيناريو الأصعب والأجمل فى حياتنا، سيناريو الثأر وتلقينهم درسا لم ولن ينسوه ابدا على مر التاريخ، ولم يعرف قيمة تلك الحرب إلا من شارك فيها، وتقدمت قواتنا من كل اتجاه، فى تنفيذ كل المهام الموكله اليهم، ودخلنا للعمق بما يزيد عن 15 كيلو، وكان ردنا حاسم وقوى وتأكدوا بأن الجيش المصرى هو الجيش الذى لا يقهر حقا.


الجناين وعيون موسى 5 أعوام و3 أشهر على الجبهة

وتطرق الرقيب كمال إلى فترة خدمته العسكرية، حيث شارك بالتواجد على الجبهة لمدة 5 أعوام و3 أشهر، حيث انضم إلى فرقة تدريب سائقين، وتم تدريبهم خلال فرقة التدريب فى مدة 3 أشهر فقط، من أصل 6 أشهر، ليكونوا جاهزين لتأدية المهام، بعدها تم نقلهم إلى كتيبة مدفعية 100ملى، فى الكيلو 85 بالسويس، وكانت تتبع قيادة الجيش الثالث الميدانى مباشرة، وكانت تلك المدفعية تجر بعربات ولكن تم تطويرها لتصبح ذاتية الحركة.

 

وبدأنا فى إنشاء مواقع تبادلية حيث لم نكن نتمركز فى الكيلو 85 فقط بل أنشاءنا مواقع أخرى تبادلية وكانت فى منطقة الجناين القريبة من قناة السويس، ومنطقة أخرى قرب عيون موسى، وكنا نعمل فى أى شئ، لم نكتف بأن ذلك مهمته سائق فيظل سائقا مثلا، ولكن كان الجميع يقوم بالعمل فى كل شئ ومختلف المجالات والهدف واحد أمام أعيننا.


قطار الروبيكى وتوزيع الذخيرة على المواقع التبادلية ليلا ودخول شهر رمضان

وفى فترة ما قبل شهر رمضان المعظم بدأت توجيهات وتعليمات بالتوجه ليلا يوميا إلى الكيلو 45 فى منطقة الروبيكى، والتوجه نحو قطار يحمل ذخيرة، وكنا نتوجه نحو القطار، ثم نقوم بتحميل الذخيرة، ثم نقوم بالتوجه وتوزيعها طوال ساعات الليل على جميع المواقع التبادلية، واستمرينا فى ذلك حتى اقتراب شهر رمضان المعظم.

 

واتى شهر رمضان ونظل نعمل طوال ساعات الليل فى نقل الذخيرة وتوزيعها، وكان اليوم بالنسبة لنا صائمين نهارا إلا من يحل له الإفطار من الأشقاء الأقباط، ونعمل طوال الليل.

 

وفى أيام شهر رمضان بدأ أن تزداد الإجتماعات بالقيادات، وكنت أذهب مع قائد الكتيبة فى ذلك الوقت رائد سيد أحمد شعبان، حتى وصلنا إلى الأيام الحاسمة، وفى يوم الأربعاء انتشرت التعليمات والتى كان غرضها التمويه بأن غدا الخميس فى تمام الثانية بعد ظهر، ستكون ساعة الصفر التى ننتظرها، وإذا مرت الساعة الثانية عشر دون بدء الحرب فلن ندخل الحرب مرة أخرى، ولكن كان المعاد محدد من القيادة بعدها ب48 ساعه فقط.


 استرداد الارض بإهانة للعدو الإسرائيلي

ومع بداية الحرب وتنفيذ مهامنا بكل دقة وعناية، واكرمنا الله فى ذلك، استمرت الحرب، بعد تقدمنا وأثر أعداد كبيرة من صفوف العدو، وكنا نقوم بلطمهم على وجوههم وأعناقهم، فى إشارة إلى الذل والمهانه التى ذاقها افراد جيش العدو الإسرائيلى، واستمرت تفاصيل الحرب المثيرة والأقوى فى العالم والتى كنا كالوحش الكاسرة بها 

 

بعدها بدأ الطيران الإسرائيلى فى القاء قنابل زمنية استهدافنا، لكننا كانت إرادتنا وعزيمتنا ثابتة، وعند القاء هذه القنابل كنا نقوم بجمعها وتحميلها، كالذى يجنى ثمار الجوافة، فهى تشبه فى حجمها حجم فاكهة الجوافة، ونأخذها إلى مكان، ونقوم بإعدامها، حيث نطلق عليها النيران حتى تنفجر، دون أن تقع بخسائر بشرية ضمن صفوفنا، فكان الأمر بالنسبه لنا ورغم جدية الأمر والتكتيات التى نفذناها، إلا أنها هى أشبه الألعاب التى نشاهدها، حيث كنا نرى اسقاط الطائرات وتمايلها ودخولها فى الجبال وكنا نعيش أجواء صعبة ولكنها مدهشة فى مسرتنا ولن ننساها حتى الآن.


تأمين الجانب الأيمن للفرقة السابعة.. أسبوع دون نوم أو راحة وسعداء بالحرب 

وكانت مهمتنا الاساسية هى حماية وتأمين الجانب الأيمن للفرقة السابعة، وبالفعل تمكنا من ذلك، ثم بعد ذلك عبرنا يوم 9 أى بعد مرور 3 ايام من بدء انطلاق الحرب، وتقدمنا للأمام حتى 15 كيلو مترات، حتى وصلنا إلى منطقة عيون موسى، والجباسات، وقمنا بالتمركز فى هذه المنطقة من يوم 16 إلى يوم 22، وكل ذلك دون نوم، أو جلوس أو أى شيء من الراحة.

 

ونشعر بالسعادة بيننا فى الحرب، دون خوف أو هروب أو أى شئ، وكل هدفنا وتركيزنا هو تنفيذ مهمامنا المكلفين بها، وهى حماية وتأمين الجانب الأيمن للفرقة السابعة، وتنفيذ التعليمات بكل دقة واثقين فى أنفسنا لا نفكر فى النوم مستيقظين بنسبة 100%، لإنجاز المهمة، ولا نفكر فى أكل أو شرب أو أى شيء، ورغم ذلك كانت تأتى إلينا مؤن من الغذاء ومعلبات، وكل شخص يأخذ ما يكفيه وزيادة من الغذاء رغم أن تفكيرنا الأول والأخير هى الحرب وفقط.


قادرون على ردع العدو فى أى وقت 

وخلال حديثه ردد الرقيب كمال جملة: من آمن العقاب أساء الأدب، وذلك فى إشارة أن تسليح الجيش المصرى الحالى لابد منه، وأن من كان يردد لماذا تقوم مصر بهذا الكم الهائل من التسليح فعليه أن يصمت الآن، لان لولا قدرة الجيش المصرى، لما احترمنا العدو حتى الآن، واصفا العدو بأنه لا يحترم أى دولة فى العالم، ولا يلتزم بمعاهدات ولا مواثيق، وأنه عدو كاذب وخادع وسيظل كذلك أمد الدهر .

 

كما اشار الرقيب المصرى إلى أن الشعب المصرى لديه ميزان حساس، فى إشارة أن الشعب المصرى واعى وميزانه الحساس يستشعر الخطر، ويقف خلف دولته وقياداته عند استشعاره ذلك الخطر، وأن هذا الميزان الحساس هو ميراث يتوارثه الابناء والأحفاد نتيجة حبنا لوطننا، وأن الدولة المصرية قوية وصلبه وقادرة على ردع العدو فى أى وقت، وليس بتسليحها فقط بل بأبنائها الذين يعتبرون السلاح الاهم والأقوى فى هذه الدولة القوية، والذين إذا ما استشعروا الخطر يتحركون تلقائيا للوقوف كحائط صد أمام أى مخططات تنال من هذه الأرض المباركة.

 

واختتم الرقيب كمال حديثة، بانهمار الدموع من عينيه قائلا: مصر فداها كل شئ .

 

 

 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع