في ذكري انتصار أكتوبر .. الأبطال يسترجعون أيام الكفاح

في ذكري انتصار أكتوبر .. الأبطال يسترجعون أيام الكفاح
في ذكري انتصار أكتوبر .. الأبطال يسترجعون أيام الكفاح

في ذكري انتصار أكتوبر .. الأبطال يسترجعون أيام الكفاح ..

  • العميد محمد عبد المنعم : طمع اليهود وسوء التخطيط ساعدنا علي تحطيم الساتر الترابي
  • الفدائي مهندس أحمد عطيفي: هجوم اليهود علي قسم الأربعين بالسويس حقيقه واتحدي من ينكرها
  • اللواء طيار نصر موسي : استفدنا من خبرات الروس دون أن يعرفوا أسرارنا العسكرية
  • الربان وسام حافظ : إبراهيم الرفاعي سيظل الشبح الذي يطارد اسرائيل حتي بعد موته

حوار : رشا لاشين

 

للبطولة صفات ومؤهلات خاصة لا تظهر إلا في الشدائد والأزمات وقد لازمت الكثير من الشباب حينما كان عدونا معروفا يحتل أرضنا ويعيث فيها فسادا .. هذا العام تتناول "صوت بلادي " احتفالها بانتصار الجيش المصري في ذكري السادس من أكتوبر بشكل مختلف حيث جمعنا شخصيات عظيمة شاركت في الحرب وكان لها دورا ملموسا وهاما في هذا الانتصار ولأول مرة أيضا نتناول سيرة واحدا من المدنيين الفدائيين بالسويس .. نذكر تفاصيل تنشر لأول مرة يحاول البعض انكارها وتشويهها وكان لصوت بلادي هذا السبق في ذكري الانتصار العظيم :

موقع اسرائيلي ينشر سيرتي الذاتية

يقول العميد محمد عبد المنعم عن دورة في العمليات التي شارك فيها بحرب اكتوبر .. انني تخرجت  يوم 30 مارس 1972 وبعدها انضميت لهذة الكتيبة والتي اصبحت  قائدا بعد ذلك  لفصيلة مشاة في الكتيبة 335 اللواء 112 .. الفرقة 16بالجيش الثاني الميداني وكانت الفصيلة تتكون من 30 عسكري وكان مكان تواجدي بمنطقة جبل مريم بالاسماعيلية وكانت تطل علي قناة السويس وعلي بحيرة التمساح وكانت سيناء علي الضفة الأخري من القناة وكنا نري تحركات اليهود بشكل مباشر حيث كان عرض القناة 200 متر فقط .. نصف عرضها الحالي وكانت تاتي نقطة مراقبه يوميا كل صباح كأول ضوء في بداية النهار وتغادر كآخر ضوء ليلا  وكانت عبارة عن سيارة مدرعة بها خمس او ست أفراد يمارسون حياتهم بشكل عادي ويرتدون المايوهات ومعهم فتيات من الجيش الاسرائيلي متطوعات وكانت تستفزنا سخرية اليهود مننا وشتائمهم لنا بالأم والأب وتحديهم لنا بأنهم سيحتلون مصر كلها وستنتهي هذه الحرب بانتصارهم وهزيمتنا كالعادة وكانوا يتحدثون العربية بشكل جيد علي عكسنا نحن لا نتحدث العبرية الا قليلا ماعدا ضباط الاستطلاع كانوا يتحدثون العبرية بطلاقه شديدة لانهم كانوا يدخلون خلف خطوط العدو .. ويضيف العميد محمد عبد المنعم أنه في أيام حرب الإستنزاف كان القناصة يستهدفونهم ويضربونهم من علي الضفة الغربية من فوق ابراج المراقبه وقد توقفت عمليات القنص بعد وقف اطلاق النار بعد انتهاء حرب الاستنزاف وكانت الكتيبة التي أقودها وغيرها من الكتائب تغير أماكن تواجدها لكي تتدرب علي عمليات جديدة وتأتي كتائب أخري تحل محلنا وكانت تتراوح فترة التدريب لستة اشهر وبعدها نعود لمواقعنا الأصلية مرة أخري وكنا نتدرب تدريبا كاملاعلي عبور القناة أما في بحيرة التمساح أو في ترعة الإسماعيلية عند منطقة أبو صوير وكأن ما نفعله سنطبقة في اليوم التالي كما أننا كل فترة نقوم بعمل مناورة عسكرية ناحية الساتر الترابي والذي كان يصل إرتفاعه إلي نحو عشرون مترا وبزاوية ميل 45 درجة وكان الجيش الإسرائيلي يفتقد الي الدهاء العسكري ويتصف بالطمع حيث أنه أقام الساتر علي شاطيء القناة مباشرة دون ترك مساحة فضاء بينة وبين ضفة القناة وذلك لأنه عندما قام المهندسين العسكريين بضخ خراطيم المياة في الساتر الترابي انهارت اطنان التراب في المياة بشكل مباشر دون أن تمثل عائقا جديدا فكان طمعهم وغبائهم وسائل مساعدة لنا لتحقيق انتصارنا في المعركة معهم .. كذلك بنينا ما يسمي . بالمصاطب"

وهي عبارة عن بناء ترابي علي شكل حدوة الحصان تأخذ شكل ميل يمكن المقاتل من الاختباء بداخله وبها مرابط مدفعيه ومرابط دبابات وكان يشكل كموقع دفاعي كامل وكان لدينا ساتر ترابي أيضا علي القناة ولكن ليس بنفس إمكانيات الجيش الاسرائيلي وكان دورة انه يخفينا عنهم قليلا .. كما كان اليهود حريصين في نشر قواتهم علي القناة بل كان جزءا منها فقط هو المتواجد وكانوا يركزون علي المناطق الحيوية بالاسماعيلية وينشئون نقاط قوية خاصة بهم بين كل نقطة وأخري 4 كيلو متر وكانت الاحتياطيات اللازمة لهم موجودة بمعسكراتهم بحيث ان دباباتهم ومدفعيتهم تكون علي أهبة الإستعداد اذا حدث أي هجوم ضدهم علي شاطيء القنال وهذا ما كان يحدث عند هجومنا ناحية الساتر الترابي وظللنا نراوغهم لخمس مرات متتاليه حتي تأكدوا انها مناوشات عادية وسيعودوا الي مواقعهم باحتياطاتهم مثل كل مرة كما أنهم كانوا يمدون في كل النقاط القوية الخاصة بهم مواسير النابالم التي اذا تم فتحها تتحول مياة القناة الي كتلة من النيران في درجة حرارة 700 درجة مئوية وفي كل نقطة اسرائيلية كان يوجد بها مستودعات تضم في كل مستودع الفين طن من النابالم .. ويشير العميد محمد عبد المنعم الي جهود أحد المهندسين بالمركز القومي للبحوث والذي قام باختراع مادة تعمل علي انسداد هذه المواسير بحيث لا يستطيعون فتحها مطلقا .. هذا في الوقت الذي عبرت فيه الضفادع البشرية القناة وكان يوم الخامس من أكتوبر وقاموا باغلاق فوهات هذه المواسير بهذه المادة وفي يوم السادس من أكتوبر والذي كان يوافق يوم كيبور عند اليهود .. ذهب " موشية ديان " وزير الدفاع الإسرائيلي الي إحدي النقاط القوية بمنطقة " نمرة 6" بالاسماعيلية كي يلقي التحيه علي قواته بمناسبة عيدهم ونظر الي الضفة الأخري وقواتنا في حالة هدوء تام قائلا " من المستحيل أن يعبر المصريون من هذه المنطقة" وهذا الوهم تولد لدية نتيجة السرية الكاملة في كل تحركاتنا وخططنا العسكرية وانتشرت احتياطاتنا في المواقع المستهدفة ليلا مع الكثير من عمليات التموية التي قام بها الرئيس الراحل محمد أنور السادات كي يبعث حالة من التراخي للجيش الاسرائيلي وفي تمام الساعه الثانية عشر ظهرا.. نبةعلينا قائد السرية بأننا سنعبر في الساعه الثانية والثلث وكانت مهمتي تأمين "جبل مريم" وهي حدود الاسماعيلية وكانت قواتهم خلف قواتنا مباشرة وفي تمام الساعه الواحدة قمنا بنفخ القوارب المطاطية والتي كانت مطبقة داخل أكياس ضخمة ومن حسن الحظ أن الجيش المعادي لم يلاحظ او يسمع صوت القوارب المحدث اثناء نفخة وكانت قبلها موضوعه في حفرة ومغطاة بأفرع شجر وكان كل قائد فصيله معه ثلاث قوارب وكل قارب يحمل عشرة أفراد بأسمائهم وفي تمام الساعه الثانية وخمس دقائق شعرت بأن الحرب بدأت بتحليق طائراتنا في سماء المعركة علي ارتفاعات منخفضة جدا حتي لا يلتقط رادار العدو اشارات الطائرات المصرية واندلعت النيران وكان الموقف مرعب ومهيب وقد قام الطيران بدك مواقعهم القريبة وكان هذا كله في خلال عشرة دقايق فقط .. بعد ذلك بدأ دور المدفعية والتي تقوم بضرب ثلاث قذفات .. قذفة علي المواقع الأمامية علي خط بارليف " النقاط القوية" .. وقذفة علي الاحتياطات الخاصة بهم داخل معسكراتهم وقذفة أخري لتأكيد ما حدث في اول قذفتين وجاء بعد ذلك موعد العبور والذي كان من المفترض ان يتم في الساعه الثانية والثلث حيث نزلت القوارب في الساعه الثانية وبدأت تأخذ مسيرتها في عبور القناة وعبرت مع قائد السرية الخاصة بي أولا وكنت في جبل مريم ومعي سرية دبابات وتركت زميلي وذهبت مع قائد سريتي حتي يكون لي شرف العبور في الموجة الأولي .. كانت القوارب مربوطة في حبال من علي الضفة الاخري المواجهه للعبور ورجعت في الموجة التاليه حتي جاءت لي الأوامر بالتحرك مع سرية الدبابات حتي تأتي لي الأوامر بعبور الضفة الثانية وبمجرد تأمين الضفة الشرقية بدأ المهندسين العسكريين بنصب الكباري حتي تعبر الدبابات الضفة الاخري وكانت الكباري مكونة من قطع كل قطعه تسمي "برطوم" ويتم وصل كل اجزاء الكوبري ببعضه حتي اصبحت كل الكباري منصوبة في خلال خمس ساعات ثم قام المهندسين بأخذ طرمبات المياة في معديات صغيرة وضخها بعد ذلك في الساتر الترابي ثم بعد هدم الساتر الترابي بدأت اللوادر تأخذ دورها بتسوية التراب داخل مياة القناة وبعد نصب الكباري عبرت من مكان يسمي معبر طوسون وعندما شعرت بأنني سأتأخر قمت بالعبور من كوبري سرابيوم في ساعه متأخرة من الليل ومعي الكتيبة كاملة وكانت فرحتنا لا توصف عندما عبرنا الضفة وعند العودة تعرفت علي موقعي بصعوبة عن طريق قائد اللواء الخاص بي وكان اللواء عادل يسري رحمة الله عليه وبعد ذلك اخذ كلا منا موقعة الدفاعي في المخبأ الخاص به .. كان ماحدث يوم السادس من اكتوبر بمثابة صفعة قوية علي وجة اليهود لم يفيقوا منها الا بعد ثلاث ايام وكان هجومهم عشوائي غير مخطط ومدروس وفي يوم 7 أكتوبر بدأت تتحرك دباباتهم ومدرعاتهم في اتجاهنا وقمنا باصطيادهم من خلال سلاح الأربيجية واستخدام الصواريخ المضادة للدبابات وبدأت في اليوم التالي يوم الثامن من أكتوبر بهجوم شديد الضراوة من قبل العدو والتي سميت بمعركة الدبابات الكبري بالقطاع الأوسط في هذا اليوم فعلنا بما يسمي " تطوير الهجوم" اخذنا مواقعنا الدفاعيه ومشينا حتي وصلنا الي منطقة تسمي " تبة الطالية " والتحمت وقتها دباباتنا في هجوم عنيف معهم حتي كانت دباباتهم في وسط الكتيبة وقمنا بتدميرها كاملة  الا دبابة واحدة كان عليها فردا يطلق النيران بشكل عشوائي من سلاحة و خسرنا كثيرا من الأفراد ولكن جربنا كثيرا من أنواع المدافع المضادة للدبابات وفشلنا في تدمير هذه الدبابة وقمت باستخدام مدفع قديم جدا من ايام الحرب العالمية الثانية يسمي " مدفع بازوكا" كان يطلق رصاصة واحدة وتخيب رصاصات اخري حتي كانت المصادفة انه كان سببا في تدمير هذه الدبابة الحديثة جدا حينما اطلقت النار ودمرتها بالفعل وقفز منها سائقها وكان ضخم الجثة ويتحدث العربيه ويطلب مننا أن نتركة قائلا " عايز أعيش" وتجمع حولة العساكر وقام أحدهم بتفريغ خزنة سلاحة فيه وقام الاخر بقسم رأسة نصفين من خلال كوريك الحفر وفي يوم التاسع من أكتوبر رد العدو علي ما فعلناه بهم ردا قاسيا وحينها قد أوشكت زخيرتنا علي النفاذ ولم نجد حلا سوا الانسحاب الي موقعنا الاصلي وابلغنا المدفعية بما حدث وذهبت الي موقع الهجوم ودكتة بكل دباباتهم ومدفعياتهم .

وقد ذكرت كل أحداث الحرب التي شرفت بخوضها وكنت واحدا من افرادها في مذكرات خاصة بي وكنت أنا الضابط المصري الوحيد الذي تنشر كتابة في المواقع الإسرائيلية ..

أحمد حمدي وآيش إبراهيم سليمان

اما عن دور فدائيو السويس في حرب اكتوبر وقيامهم بحماية السويس من هجمات الجيش الاسرائيلي يوم 24 اكتوبر فكان لهم دورا عظيما لن يغفله التاريخ وبصمات لن يمحيها الزمن حيث يسرد المهندس أحمد عطيفي الذي كان واحدا من الفدائيين قصة حصار السويس ودفاع الفدائيين عن الارض حتي اخر نقطة دماء قائلا : كان من المؤسف أن رفعت جميع أقسام السويس الأعلام البيضاء وانزلت علم مصر وذلك بأمر من المحافظ والذي شجع اليهود لدخول المدينة ودخول قسم الأربعين الذي كان يشبة القلعه في مبناه وهو عبارة عن مبني يحاوطة شوارع من أربع جهات مما سهل علينا عملية الدفاع عنه وبالفعل قضينا علي كل من يمر بجانب قسم الاربعين من الاربع جهات حتي نستطيع دخول القسم ومهاجمة اليهود بداخله وفك حصار القسم بأي وسيلة .. كان منا فدائي عظيم وهو الشهيد ابراهيم سليمان بطل الجمباز سابقا وكان هو اول من تطوع للقفز داخل القسم من فوق اسوارة قائلا استروني بالنيران ووزع دور كل شهيد في اقتحام القسم قائلا الشهيد فايز يدخل من الباب الخلفي والشهيد أشرف يدخل من الباب الامامي وعندما قفز الشهيد إبراهيم سليمان من فوق سور القسم أخذ دفعة الرشاش في صدرة ومات فوق السور وتلا بعد ذلك استشهاد كلا من فايز واشرف بعد سماع اقتتال بينهم وبين الاسرائيليين داخل القسم ثم خرج عسكري من القسم اسرناه قائلا ان من بداخل القسم يريدون الخروج  والتسليم لكن اضمنوا لهم حياتهم لكنهم ترددوا لأن ولا شخص منا كان يتبع الصاعقه المصرية فكنا نرتدي بلوفرات عادية وكوتشي ثم جاء زميلي محمود عواد واصطحب عسكري الشرطة لقائد المخابرات قائلا ياافندم عاوزين يسلموا أنفسهم فرد قائلا عليهم بإلقاء أسلحتهم من الشبابيك أولا ويرفعوا راية بيضاء ثم نضمن لهم حياتهم ورفض العسكري الرجوع للقسم لانهم سيقتلوة ولم يجد قائد المخابرات حل سوي ضرب القسم بقنابل حارقة للتخلص منه بأي شكل وبالفعل تم ضرب القسم بينما تقف المدرعات بالخارج ثم جاءت تعليمات بإيقاف المدرعات والتي كانت مواتيرها تعمل حتي لا يستخدمها اي فرد من أفراد العدو ويجب ايقافها او التخلص منها هي الأخري وقد تسببت هذه المعركة في إرعاب اليهود حتي أنهم ذكروا في أحد كتبهم أنهم رأوا افراد الصاعقة كأنهم وحوش ولهم أنياب ..

ويضيف المهندس أحمد عطيفي أن هناك كثير من الناس تحدثوا مع الشيخ حافظ سلامة كي يزيل الساتر المقام حول مسجد الشهداء وهذا الساتر كان واقي من القذائف التي كانت تأتي من جانب العدو ناحية المسجد ولكن الشيخ حافظ رفض قائلا أن الحرب لم تنته بعد .. كان لمسجد الشهداء دورا كبيرا في تعريف كل فرد بدورة في هذه الحرب وبث روح الايمان والحماس في نفوس الضباط والمواطنين بكل فئاتهم وكان الشيخ حافظ سلامة يلقي الكثير من الخطب في فضل الجهاد ويساعد المقاتلين والفدائيين اثناء الحصار في وضع اسلحتهم وذخيرتهم داخل المسجد والذي كان به الكثير من الضباط والرتب العسكرية الكبيرة الهامة ونما الي علم اليهود ان هذا المسجد به مخزنا للسلاح والذخيرة لذا زاد الهجوم عليه من قبل اليهود .. ويؤكد المهندس عطيفي أنه لا يوجد شارع بالسويس يخلو من الشهداء فكل يوم يسقط ثلاث او اربع شباب زي الورد كلهم نعم الوفاء ونعم الإخلاص كافحوا وحرموا انفسهم من الراحة ومتع الحياة من أجل الأجيال القادمة ومن أجل تراب مصر اذكر في حياتي اهم ناس وافضلهم مات أصدق من فينا .. إبراهيم سليمان الشاب الوسيم بطل الجمباز الذي كفن الشهيد أحمد حمدي وانتزع الآيش من وسطة وبه نقطة دماء ثم البسة الآيش الخاص به وتمني الشهادة وبعدها بأيام استشهد بأربعين طلقة في جسمة وقام زميلنا محمود عواد  بفتح التربة لدفن اخرين بها بعد ثلاثة وتسعين يوما من استشهادة قائلا : بناء علي طلب الشيخ حافظ سلامة قمنا باستخراج جثة إبراهيم سليمان كي نقوم بدفنها دفن شرعي وقد ظهر كأنة نائما ومتوضئا ويفوح المسك من جسدة ولم اشم أجمل ولا أروع من هذه الرائحة .. فالله إختار الخيرة الصادقة مننا .

النسر .. "نصر " .. بطل معركة المنصورة

 أما اللواء طيار أركان حرب متقاعد نصر موسي المولود في السويس عام 1949 والذي التحق بالكلية الجوية في أكتوبر عام 1968 وبعدها تم اختياره ضمن 20 طالبا للسفر للإتحاد السوفيتي لإعداده كضابط مقاتل، وبعد 21 شهرا من الدراسة عاد في نوفمبر عام 1970 ليلتحق بالقوات الجوية ملازما تحت الاختبار باللواء 104 الجوي والمعروف باسم "لواء المنصورة". يقول اللواء نصر موسي  أذكر أحداث هذا اليوم كما لو كانت قد حدثت بالأمس، فقد أبلغنا العقيد طيار أحمد نصر قائد اللواء الجوي 104 مساء الخامس من أكتوبر بموعد الحرب، ولكن لم يبلغنا بساعة التنفيذ، وقد طلب منا ضرورة النوم مبكراً لأخذ قسط وافر من الراحة، ولكن هيهات. فالنوم خاصم جفوني في هذا اليوم، ولم أخلد إلي النوم إلا في الثالثة صباحاً وذلك بسبب الفرح. فها هي اللحظة التي انتظرتها في شوق أنا وزملائي للأخذ بالثأر وإعادة الكرامة للشعب المصري الذي عاش في حزن وكدر علي مدار ست سنوات.

  ففي صباح السادس من أكتوبر تم توزيع المهام علي طياري السرب، ولم يكن التشكيل الذي أقوده ضمن طائرات الضربة الأولي، ولكننا كنا في حالة استعداد لحين صدور أوامر بالاشتباك مع العدو، إذا حاول الاختراق، وكان من مهام التشكيل الذي أقوده علي مدار يوم الحرب عمل مظلات جوية بالجبهة كحماية لمناطق عودة طائرات الضرب الجوي، وكانت نتيجة الضربة الجوية الأولي قد وصلتنا وأن نسبة نجاحها تعددت الـ95%، وقد انعكس هذا النجاح والحماس علي الفنيين ممن عملوا علي الطائرات، وقد حطم هؤلاء الفنيون الزمن اللازم لإعادة تزويد الطائرات بالذخيرة والوقود إلي مستويات غير مسبوقة، وكانوا يحملون الصواريخ التي تركب علي الطائرات بأيديهم دون الانتظار للرافعة الميكانيكية المخصصة لذلك.

ويضيف اللواء نصر موسي قائلا :أن ذكري 14 أكتوبر   يوافق ذكري معركة المنصورة الجوية تلك المعركة التي سطرت مجداً جديداً يضاف لإنجازات القوات الجوية خلال حرب 73 كما أنها أظهرت البطولات والقدرات الحقيقية للطيارين المصريين. ففي يوم 14 من أكتوبر 73 وفي الساعة الثانية عصراً حدث هجوم عنيف من القوات الجوية الإسرائيلية علي مطار المنصورة وصدرت الأوامر بالإقلاع الفوري والتصدي للهجمات المغيرة.
وكانت إشارة البداية عبارة عن إطلاق ثلاث طلقات حمراء (الخرطوش الحمراء الواحدة تعني إقلاع 4 طائرات فوراً وفي أقل من 3 دقائق تم إقلاع 12 طائرة دفعة واحدة بعدها توالي إقلاع العديد الطائرات من اللواء 104 بالمنصورة وتعزيزات من اللواء 203 بقاعدة أبوحماد واللواء 102 بأنشاص. أي حوالي 60 طائرة من الثلاثة ألوية واشترك من الجانب الإسرائيلي ما يزيد علي مئة طائرة مقاتلة وقاذفة، وهذا الحشد من الطائرات لم يحدث منذ الحرب العالمية الثانية، وكان المنظر لا يتخيله عقل فطائرات العدو وطائراتنا قد زادت كالنجوم في السماء.
وقد استمرت تلك المعركة حوالي 53 دقيقة منها 30 دقيقة اشتباكات، وقد كسرت تلك المعركة جميع القواعد القتالية في المعارك الجوية، فمن المتعارف عليه في المعارك الجوية أن الطيار ينفذ طلعة جوية واحدة ثم يقلع بعد 15 دقيقة تكون خلالها الطائرة قد جهزت مرة أخري بالوقود والأسلحة، ولكن في هذه المعركة كان الطيار يهبط لإعادة التسليح والتموين ثم يقلع في فترة زمنية لا تتجاوز الـ7 دقائق. كما أنه ومن الشائع في المعارك الجوية أن أقصر زمن للإقلاع يكون في حدود 3 دقائق أما في معركة المنصورة فكان الطيارون يقلعون في أزمنة لا تتجاوز الدقيقة ونصف الدقيقة وفي النهاية كان النصر للقوات الجوية المصرية، وذلك بفضل كفاءة الطيارين المصريين والجنود والفنيين الذين قاموا بإعادة تسليح وتموين الطائرات بالوقود في زمن قياسي.

الشبح يتحدي الجبروت الإسرائيلي

يقول القبطان وسام حافظ كبير مرشدين هيئة قناة السويس والمقاتل بفرقة 777 مجموعة 39 بقيادة الشهيد إبراهيم الرفاعي عن ذكرياته التي لن تنسي أبدا  : «رجعت إلى مصر قادماً من اليمن ووصلت إلى ميناء الأدبية بالسويس فى يوم 12 يونيو 1967، فى نهاية أيام النكسة، ضمن كتيبة الصاعقة البحرية، ونحن فى طريق البحر سمعنا خطبة الرئيس عبد الناصر بالتنحى ولم نصدق وقتها أن مصر قد هزمت، وبعد وصولى أنا وزملائى إلى وحدتى بأبى قير بالإسكندرية، وجدت اسمى وسط لواء عمليات خاصة من الضفادع البشرية والصاعقة البحرية، بقيادة النقيب إسلام توفيق، ومعنا 26 صف ضابط من أفضل صف ضباط الوحدات الخاصة، وتم تدريبنا على أعلى مستوى، وكان التدريب يتضمن نزولا للغواصات، والوحدت البحرية، وعمليات نسف وتدريب، وتدريبات لياقة بدنية، وسط كل ذلك نريد الرد على العدو على 67 ولا نريد التدريب فقط، كنا نعانى من مشكلات كبيرة فى الصاعقة والقوات الخاصة، وتوجهنا إلى القاهرة للقيام بتدريبات مع الصاعقة فى أنشاص، فى هذه الفترة كان قائد المجموعة النقيب إسلام توفيق على علاقة قوية بالشهيد إبراهيم الرفاعى، والتقيت معه فى القاهرة وكان منتدبًا إلى المخابرات، وينفذ عدة عمليات ناجحة خلف خطوط العدو، حيث قام بنسف الذخيرة المصرية التى استولى عليها العدو فى 67، وكان يعمل بشكل فردى ويريد أفرادا من الصاعقة، وكان الفريق الشاذلى يرفض وقتها تدعيمه بقوات من الصاعقة. تقابلنا مع الشهيد إبراهيم الرفاعى، وقابلنا بمدير المخابرات، وقتها وصل ما نقوم به للفريق الشاذلى، الذى كان لا يريد تنفيذ أى عمليات خاصة إلا من خلاله لوجود نوع من التنافس، وأوصل الفريق الشاذلى إلى الرئيس عبدالناصر، أن إبراهيم الرفاعى يجمع فريقا من الصاعقة لقلب نظام الحكم، وتم نقلنا بعدها من أنشاص إلى البحر الأحمر فى رأس شقير، حتى لا تكون هناك أى فرصة للتآمر».

وأضاف: «وقتها قامت المجموعة بأولى عملياتها فى أكتوبر 1967 عندما كلفت بالحصول على واحد من الصواريخ حديثة الصنع التى نشرها العدو على طول الضفة الشرقية للقناة، والتى تمثل تهديداً لقواتنا على الضفة الغربية فطلب الجانب الروسى الذى كان موكلاً إليه تسليح الجيش المصرى فى ذلك الوقت من مصر، أن تحصل له على أحد هذه الصواريخ لدراستها ومعرفة قدراتها ومداها وكيفية التغلب عليها، وقام بهذه العملية مقاتلان من مقاتلى المجموعة هما النقيب إسلام توفيق، والرقيب أول عبدالمنعم غلوش، وبالفعل عادا بثلاثة صواريخ، تقرر بعدها ضمهما إلى مجموعة الشهيد إبراهيم الرفاعى، وتقريبا كنا نعبر كل يوم سبت ونجهز كمائن ألغام للعدو».

وتابع: «كانت حرب الاستنزاف بدأت وكانت السبب فيها هى القوات البحرية، ففى أكتوبر كانت المدمرة الإسرائيلية إيلات تأتى يوميا إلى السواحل المصرية فى بورسعيد والبرلس وتعود مرة أخرى، ووصل بهم الحال إلى إحضار طلاب البحرية الإسرائيلية للتدريب فى المياه الإقليمية المصرية فى أكتوبر 67، وقتها خرجت عليهم لنشات طوربيد بقيادة عونى عازر ورجائى حتاتة وحاولا ضرب المدمرة، لكنهما فشلا وتم ضرب لنشات الطوربيد المصرية واستشهد عونى عازر، ورجائى حتاتة، إلى جانب ممدوح شمس، وأصيب بعدها ضباط البحرية فى بورسعيد بحالة من الجنون على استشهاد زملائهم، ووصل إلى علمنا بعدها أن المدمرة سوف تعود يوم 21 أكتوبر 67 وقرر وقتها النقيب شاكر عبدالواحد، ضرب المدمرة رغم وقف إطلاق النار بيننا وبين العدو، وأصر على أن يخرج ليضرب المدمرة، وبالفعل خرج معه لطفى جاد الله إلى البوغاز وأخذا خط سير الهجوم وبالفعل أطلقا الصواريخ على المدمرة وأصاباها بـ4 صواريخ، وغرقت المدمرة وطلاب الكلية البحرية الإسرائيلية وغرق وقتها 800 فرد، من البحرية الإسرائيلية ومن هنا بدأت حرب الاستنزاف.

وقال: «استمرت العمليات بقيادة الشهيد البطل إبراهيم الرفاعى، بوضع الألغام فى شرق قناة السويس، كنا نقوم باستطلاع الدوريات الإسرائيلية ونضع الألغام ونقوم بتفجيرها، كل يوم دورية أو سيارة عسكرية للعدو، وبدأت إسرائيل تحضر كاسحات للألغام وأعلنت وقتها أنها تجمع الألغام بمخازنها وتم بث ذلك عن طريق الإذاعة الاسرائيلية، فقمنا بزرع الألغام فى مخازن العدو بمفجر وقتى ينفجر بعد 7 أيام، وبالفعل تم تفجير المخازن بعد تلك المدة».

وأضاف: «بعدها قمنا بعملية عام 68 عملنا أول كمين للدوريات فى شرق الإسماعيلية يوم 30 يونيو 68، وتم أسر عسكرى يهودى بواسطة المجموعة 39 قتال، وبعد عملية الكمين التى لقيت صدى واسعًا وقتها، أطلق الفريق صادق علينا اسم المجموعة 39 قتال، ويرجع ذلك لأن المجموعة مكونة من 26 صف ضابط بحرى و3 ضباط بحريين وإبراهيم الرفاعى والمجموعة التى معه كانوا عشرة، وظلت المجموعة تقوم بعملياتها حتى 9 مارس 1969، وكان أمام موقع لسان التمساح وتم إطلاق قذيفة هاون من قوات العدو على الفريق عبدالمنعم رياض أثناء تفقده المواقع المصرية غرب القناة، واستشهد.

وتابع: «بعدها صدرت الأوامر للمجموعة بتنفيذ عملية انتقامية على الموقع الذى استشهد بسببه الفريق عبدالمنعم رياض، وكان عددنا وقتها قليلا، كنا 39 فقط، والعملية تحتاج إلى 150 من أفراد الصاعقة وبدأ التدريب فى الفيوم ببحيرة قارون، على أعلى مستوى، وفى 19 إبريل عام 69، وعند نادى الشراع حاليا بالإسماعيلية قمنا بتجهيز القوارب، فى الوقت التى كانت تقوم فيه المدفعية المصرية بضرب منطقة لسان التمساح فوق الدشم، وكل مجموعة صعدت على دشمة وبدأ الاشتباك مع العدو، وتم القضاء عليهم بالكامل وعددهم 46 ضابطا وجنديا، وحصلنا على أسلحتهم والسيطرة على الموقع بالكامل، وكانت عملية ناجحة جدًا، وبعد عملية لسان التمساح صدر أمر تشكيل رسمى وتحديدًا فى مايو 69، بتشكيل المجموعة 39 قتال وانضم إلينا فصيلتان من الصاعقة وكنا نعمل تحت فرع العمليات الخاصة تحت قيادة الشهيد إبراهيم الرفاعى، ما سبب هلعاً وذعراً فى صفوف الإسرائيليين».

وتابع الربان وسام حافظ: خلال عملية الإعداد لتدمير السفينتين الإسرائيلتين «بيت شيفع» و«بات يام»: لم يتوقع اليهود أن يتم تنفيذ عملية من الأردن، وقمت بعملية استطلاع ثانية بعد عملية تأمين شامل لميناء إيلات، عقب إعلان إسرائيل أنها وضعت أجهزة تحت الماء ترى حتى الأسماك، وتم وضع التقرير بعد الاستطلاع والمعلومات على كيفية دخول الضفادع، وفى 6 فبراير 1969 بواسطة «عمرو البتانونى، وأبوريشه ورامى عبدالعزيز» وبالفعل توجهوا إلى «بيت شيفع» و«بات يم»، وتم تفجير اللغم بالسفينة «بات يم»، التى غرقت فى الحال، وفشلت محاولات القبطان الخروج بها إلى الشاطئ وتم تفجيرها وخرج المركب من الخدمة نهائيا، وتم تدمير الآخر أيضًا بواسطة المجموعة 39 قتال، فى نفس الوقت.

وقال «حافظ»: بعدها بدأت حرب أكتوبر واشتركنا فيها وكانت حربا تصادمية كبيرة بين البحرية المصرية والعدو، وبعدها ضربنا خزانات بلاعيم للبترول حتى لا يستفيد منها العدو، وبعدها ضربنا مطار الطور بالصواريخ فى 17 أكتوبر 1973، وصدرت الأوامر بأن نتوجه إلى منطقة الثغرة بقيادة الشهيد البطل إبراهيم الرفاعى، وبعدها وصلنا للثغرة فى 19 أكتوبر73، وأثناء الاشتباك مع العدو سمع الشهيد إبراهيم الرفاعى صوت استغاثة أفادت بأن أحد الأسلحة لا يعمل مع جندى فتوجه إليه فورا دون أن يفكر، وأثناء توجهه قامت قوات العدو بقنصه بطلقات نصف بوصة استشهد على أثرها فى الحال.

وأضاف: استشهد الشهيد العقيد إبراهيم الرفاعى يوم 19 أكتوبر الساعة 12 ظهرًا فى ثغرة الدفرسوار، بمنطقة الدبابات حاليا، وكان قد تم ترشيحه للعمل ملحقا عسكريا خارج مصر، إلا أنه رفض بشدة، وقال: «لن أخلع الأفرول العسكرى إلا بعد أن أطهر تراب مصر من العدو الإسرائيلى»، وبعد حرب أكتوبر تم تفكيك المجموعة 39 قتال، بعد أن أتمت مهامها فى حربى الاستنزاف وأكتوبر.