عبدالرحيم أبوالمكارم يكتب : نيرة أشرف ضحية الإنحطاط الأخلاقي والفن الهابط

عبدالرحيم أبوالمكارم يكتب : نيرة أشرف ضحية الإنحطاط الأخلاقي والفن الهابط
عبدالرحيم أبوالمكارم يكتب : نيرة أشرف ضحية الإنحطاط الأخلاقي والفن الهابط
الحاصل أن أغلب المسلسلات تروج للجنس  والبلطجة وتشجع على الفوضى والانحراف الأخلاقي المريع.. وكلنا يعرف الزوبعة الكبيرة، والمشاكل الجسيمة التي خلفتها تلك المسلسلات والافلام في بداية ظهورها إلى الآن، والتي وصلت إلى حد القتل والطلاق في بعض الدول العربية.
لقد تحول إعلامنا الفضائي من عامل بناء إلى وسيلة هدم.. خصوصاً في الآونة الأخيرة، حيث كنا قديما نشاهد بعض المسلسلات والبرامج الهادفة في السنوات الماضية .. والتي تحاكي واقعنا العربي المعاش، وتنمي فينا الكثير من القيم والعادات الحميدة.
لا يشك ملاحظ؛ مهتم أو غير مهتم، بالحقل التربوي وحركية المجتمع، أن جدار الأخلاق بدأ ينشقّ وينهار، ويتداعى على رؤوسِ المفكرين والمهتمين والمصلحين ممن لهم غيرة على المجتمع، وليس الحدث بجديد، بل قديم، وبدأ يتسارعُ متهاويا في الآونة الأخيرة؛ وذلك لأن ثمار المجهودات الإفسادية والتدميرية والتخريبية قد بدأت تنضج وتؤتي أكلها الخبيث، وربما سيؤول وضع المجتمع لما آلت إليه الأوضاع في الدول التي سبقتنا في تجربةِ الانهيار والتآكل الأخلاقي والأسري.
بل أصبحنا نشمّ رائحة الاحتراق - والاختراق - الأخلاقي تهب علينا من كلّ حدب وصوب، تزكم الأنوف وتخنق المتحسسين وحتى السليمين.
«إنمـا الأمم الأخـلاق مـا بقيت.. فـإن همو ذهبت أخلاقهم ذهـبـوا».. أبـيـات شهيرة لأمير الشعراء أحمد شوقي، تؤكد أن التمسك بالأخلاق سبب بقاء واستقرار الدول وتقدمها وازدهـارهـا، فـالأمم تضعف إذا ما تراجعت فيها الأخـلاق وتـهـاوت القيم والمبادئ الراسخة.
نحن في زمن كادت تمحى فيه  الأخلاق الحميدة والقيم والمبادئ وثقافةُ الأيديولوجيات والتمذهبات، لتحل محلها الفوضى وانعدام الضمير وسوء المعاملة وعدم الرضا والاحترام والتقدير وبرزت ثقافة الصفقات .
والمعلوم أن ذلك الإنحطاط الأخلاقي لا تراعي مسألة الحلال والحرام، والحق والباطل، والأساس فيها غايب التربية والضمير والواعز الديني وكذلك المصلحة والربح المادي في العاجل والآجل - فهي صفقات قريبة المدى وأخرى طويلة.
وتسهم هذه الثقافة المنحلة عن الدين والفضيلة في الانهيار الأخلاقي وانحلال السلوك البشري عن أي ضابط، إلا ضابط المنفعة المتوحشة، وكل مصلحة أو منفعة لا تراعي الخلق والدّين فهي متوحشة وحقيرة - ترد البشرية إلى العصورِ الجاهلية، 
وفى الآونة الأخيرة شهدت مصر الكثير من مظاهر «الانفلات الأخلاقي».. فمن منا لم يسمع عن أب يقتل أولاده، وابن ينهى حياة والده أو والدته لتعاطى المخدرات.. أخ يفتك بشقيقه وزوجة تقتل زوجها بمعاونة عشيقها.. طلاب يعتدون على مدرسهم، ناهيك عن جرائم التحرش والاغتصاب التى باتت ضيفاً ثقيلا على حياتنا.
 ولا يكاد أحد فى مجتمعنا لا يشكو من ارتفاع معدلات السرقة والقتل والرشوة وعقوق الوالدين وانحدار لغة الخطاب ورواج الألفاظ البذيئة وانحرافات السلوك والذوق العام،وغيرها من المظاهر الأخرى التى أسقطت الأخلاق فى دوامة الفوضى الخلاقة.. الأمر يدفعنا للتساؤل ما أسباب هذه الحالة من التردى الخلقي؟ وكيف يمكن إنقاذ المجتمع من هذا الخطر؟ فهل ما نعانيه اليوم نتاج رواسب حقبة طويلة فجرتها ثورة أظهرت الوجه الأخلاقى المظلم للـشـارع المـصـري ؟ ، أم هـى انـعـكـاس لغياب المـؤسـسـات التعليمية والدينية والتربوية والتنشئة الأسرية السليمة والتأثير السيئ لوسائل الإعلام والسوشيال ميديا والسينما ؟.. 
لقد كانت مصر ملجأ الراغبين في العلم والتعلم، وللأسف الشديد تحولت هذه الأيام لكل من يريد شهرة أو سطوع نجمه مع اختلاف جنسيته، عربية أو غير عربية، في مجالات لا تخلو، إلا أن تكون في مجال الرقص أو الغناء ليس أكثر، سواء كان ذلك علی حساب أخلاق وأدبيات المجتمع. لقد أجمع الحكماء على أن أهم ما يجب عمله على الآخذين بيد الأمم للتقدم والرقي الذين يوصفون بالأخلاق الحميدة أن يسعوا إلى رفع الضغط عن عقول الناس، من فساد الأخلاق، وانحطاط السلوك المنتشر في المجتمع، حتى ينهض الناس إلى كل ما هو صالح للفرد والمجتمع؛ لأن الأخلاق هي عماد المجتمع، وفوق كل ذلك من التردى والانحطاط، نجد دعوات من أناس بلغوا من العمر عتيا، حتى ابيضت رؤوسهم، يدعون إلى خلع الحجاب، ومنع النقاب؛ حفاظا على الأمن القومي، وتوجه إليهم الشاشات؛ والقنوات؛ لعرض هرائهم، وليست آراءهم.
 أليس الأحرى بهؤلاء أن يوفروا جهودهم لخدمة المرأة،  ودفاعًا عن قضاياها مثلًا من التحرش أو الاستغلال الجسدي. الحقيقة أنهم يريدون أن ينسفوا كل ما تبقى من القيم والأخلاق في المجتمع، والمؤلم بعد هذا الانحطاط الأخلاقى الشديد الذي لم يسبق له مثل من قبل على مجتمعنا المصري: هو دور المؤسسة الدينية المنوط بها الحفاظ على أخلاق وسلوكيات الناس، امتثالا لما أمرهم به الدين الإسلامي، ولكنها تغط في النوم غطا، حتى صارت كالميت، لا يحرك ساكنا.
عند إمعان النظر فيما يعرض علی معظم قنوات التلفاز من مشاهد هابطة، لم نعهدها من قبل علی المجتمعات الشرقية، وبالأخص المجتمعات الإسلامية، يجد المرء هدمًا ومحوًا لأخلقيات وأدبيات المجتمع.
إن ما يصدر عن الأفلام أو المسلسلات أوالبرامج التي تعرض في التلفاز، والتي تصل كل بيت ويراها الكبير والصغير، لهو خير دليل علی انحطاط، وتردي مايعرض في هذه الأفلام، نظرًا لما تحتويه من عری ومشاهد جنسية فاضحة أقل ما يقال عنها «أنها تخدش
الحياء»، حتی إن منتجی هذه الأفلام يصفونها بأنها للكبار فقط، ولن تخرج من الفيلم بأية إفادة، إلا بإضاعة الوقت، والفيلم الذي يخلو من هذه المشاهد مهدد بالفشل والخسارة.
ولهذه الأفلام تأثير يقع علی كل الأجيال، كبارا كانوا أم صغارا، فمن يمر بالشوارع، مثلًا،  يجد واقعا لا يمكن السكوت عليه؛ لأنه سيجد أطفالًا لم يبلغوا من العمر عشر سنوات يلعبون ويلهون بالأسلحة البيضاء، ويتبادلون السباب بأبشع الألفاظ النابية والبذیئة، حتی إذا سألت أحدهم كيف، وأين تعلمت هذا؟ يرد عليك بجواب هو عين الواقع والحقيقة، تعلمت من الفنان كذا وكذا في فيلم كذا، وبالتالى صار هؤلاء الممثلون قدوة لهؤلاء الأطفال، حتی إنهم يقلدوهم في مشيتهم، وفي حلق  شعورهم، وفي طريقة كلامهم.
فقد شهدت مدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية واقعة قتل بشعة، يوم الاثنين، تمثلت في مقتل طالبة بجامعة المنصورة تدعى «نيرة أشرف»
علي يد زميلها الذي أقدم على قتلها في الشارع، أمام إحدى بوابات جامعة المنصورة، وسط ذهول المارة، الذين تمكنوا من ضبط المتهم وسلموه للشرطة، عقب قيامه بمحاولة التخلص من حياته، وذلك بسبب رفضها الارتباط به، إثر خلاف بينهما، فقرر الانتقام منها بهذه الطريقة المروعة
وكشف تحريات أجهزة البحث الجنائي بالواقعة أن سبب مقتل طالبة المنصورة «نيرة أشرف» عليى يد زميلها، نتيجة مشادة نشبت بين المتهم والمجني عليها، بسبب رفضها له، بعد أن حاول الدخول معها في علاقة عاطفية، وهو ما رفضته المجني عليها، وتشاجرت معه، مما دفعه للتعدي عليها بالطعن، وسدد لها 3 طعنات أودت بحياتها، وحاول التخلص من حياتهة، إلا أن الأهالي والطلاب تمكنوا من ضبطه، وتم نقله للمستشفى لاستكمال التحقيقات.
وتبين أن المتهم افتعل مشكلة مع المجني عليها، أثناء توجهها للجامعة، ولكنها أهانته ورفضت جلوسه بجوارها في الميكروباص أو أن يدفع لها الأجرة، مما دفعه لارتكاب الجريمة فور نزولهما في منطقة بوابة «توشكى»، أمام جامعة المنصورة.
انهار محمد أحمد في لقاء تلفزيوني عم نيرة أشرف ، ضحية جامعة المنصورة  التي قتلها زميلها، قائلا إن الجاني تقدم لنيرة أكثر من مرة ورفضته، معقبا: «في شرع مين تدبحها عشان رفضتك».
واستنكر عم نيرة أشرف خلال مداخلة هاتفية ببرنامج حضرة المواطن، المذاع عبر فضائية الحدث اليوم، التقليد الأعمى من الشباب للفنان محمد رمضان، قائلا: «محمد رمضان ده حتة ممثل، إزاي الشعب يقلده ويتمادى في أفعاله، القاتل دبحها كأنها فرخة، دي حتى الفرخة لها مكان تندبح فيه، لكن ده دبحها في الشارع».
تلك الجريمة البشعة دفعتنا إلى الحديث عن الانحطاط الأخلاقي أو الانحلال الأخلاقي والذي يعرف أيضا باسم "الفساد والانحراف" وهو مفهوم يعبر عن تدهور أو انهيار المبادئ الأخلاقية للحضارة وهو "سلوك يُظهر أخلاقًا متدنية وغير إنسانية "، 
ويمكن رؤية هذا السلوك في الأفراد والمجتمعات كنمط للتخلي عن المعتقدات والقيم الدينية والأخلاقية، ويلقي العديد من العلماء باللوم على السلوكيات الفاسدة والأخلاق الفاسدة التي تؤدي إلى تدهور وتفكك المجتمعات والحضارات.
 كما أنها تعد من أكثر المشاكل التي يعاني منها شباب العصر الحالي فهي تهدد أمن واستقرار المجتمع لذلك يجب علينا
 
 
أسباب الانحلال الأخلاقي 
فيما يأتي توضيح لأبرز وأهم أسباب الانحلال الأخلاقي في المجتمع:
_ عدم تحمل الوالدين للمسؤولية وغيابهم وسوء التربية وقلة الرقابة على سلوك الأبناء والتفكك الأسري
_نقص المشورة الأخلاقية، وضعف الوازع الديني لدى الفرد والابتعاد عن مجالس العلم والدين. 
_تأثير أقران وأصحاب السوء مما يدفع بالفرد للقيام بأعمال سيئة كالتدخين، وعدم احترام الوالدين، والتلفظ بألفاظ غير لبقة. سهولة الوصول إلى المواد والمواقع المخلة بالأخلاق والآداب، وعدم الرقابة أو المنع لذلك. 
_المشهد الإعلامي غير المنظم حيث لا يخضع المحتوى الإعلامي للرقابة فمن الممكن إغواء الصغار والكبار بالإعلانات المضللة والمشاهد غير الأخلاقية والخادشة للحياء.
_ الجهل والفقر فعدم توافر بعض احتياجات الفرد ومتطلبات حياته ممكن أن تدفعه إلى السرقة، والنصب والاحتيال. التبعية والتقليد الأعمى لنمط وسلوك حياة الغرب والتشبه بهم من حيث طريقة لباسهم وبعض عاداتهم، 
فدخول الثقافات المختلفة والحضارة الغربية إلى ثقافاتنا يؤثر على الشباب من خلال التأثير على إحساسهم بالانتماء إليها وتطبيقها. غياب الرقابة والإرشاد التربوي ودور الأسرة والمدرسة في توعية الشباب. 
_سعي الشباب إلى مجاراة العصر ومواكبته، والكبت والحرمان.
_ ابتعاد الفرد عن المصادر التي تدعوه إلى الإستقامة وتحدد له سبل الرقي الفكري والأخلاقي.
 
 
مخاطر الانحلال الأخلاقي على الفرد والمجتمع
في ما يأتي بعض أهم مخاطر وآثار الانحلال الأخلاقي التي تؤثر على الفرد والمجتمع وهي 
_تدهور وتتفكك وتخلل المجتمعات نتيجة العنصرية والكراهية والتعصب.
_ انتشار الجرائم وزعزعة الأمن والأمان في المجتمع. 
_تدمير أخلاق الفرد مما يجعله يفقد الاحترام تجاه من هم أكبر منه سناً.
_ ظلم الآخرين وأكل حقوقهم والاعتداء عليهم.
 فساد الحكم والإدارة في المجتمعات. 
_تفشي العادات والمظاهر السلبية مثل ظاهرة هتك الأعراض والغش وما إلى ذلك. 
_تدهور نهضة وحضارة الأمم. 
_يدفع الفرد إلى عدم التزام واحترام القانون، والخروج على الأنظمة ومخالفته. 
_اتباع الأهواء والشهوات، مما يؤدي إلى فساد قيمه وأخلاقه.
_ غياب الاحترام بين مختلف الأشخاص الذي تتجلى من خلال تعدد حالات الحقد والعداء والبغيضة بين الأفراد.
يمكن القول إن  الإنسان ابن بيئته؛ إذ يتأثر المرء بعدد من العوامل المحيطة به منذ ولادته إلی وفاته، تشمل هذه العوامل: الوالدين ووسائل الإعلام والشارع والتعليم بمختلف مراحله ، ولكل فترة زمنيه ما يؤثر فيها .